وأفادت وكالة مهر للأنباء، ان القائد عمل على تطوير مسيرة العمل الجهادي دون كلل أو ملل، حتى أصبح "المطلوب الأول" للعدو الصهيوني المحتل الذي سخَّر كل عملائه وأجهزته المخابراتية والأمنية وكل الإمكانات التكنولوجية من أجل تحديد مكان هذا "العقل المدمر لكيانهم" والقضاء عليه باستخدام "طن" من المتفجرات أدى لإبادة مربع سكني كامل في مدينة غزة.
ظن العدو أنه إذا قضى على شحادة سيقضي على الجهاد والمقاومة في فلسطين، وأن كتائب القسام –الإعصار الذي لا يهدأ- قد انتهى أمرها بعد القضاء على رأس الهرم فيها، لكن كتائب القسام فاجأته بأن الشيخ –رحمه الله- أسسها لتكون كالأخبطوط متشعبة في كل مكان لا يقضي عليها باستشهاد قادتها ومؤسسيها.
وضع أسس التطور
بعد مرور أعوام على استشهاد القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام الشيخ "صلاح شحادة" تتربع كتائب القسام على عرش الجهاد والمقاومة في أرض فلسطين، بعد أن أصبحت أشد قوة وأكثر عنفواناً وأتقن تنظيماً، وتطورَ أداؤها العسكري بشكل نوعي مضطرد؛ يثبت أن الشيخ صلاح قد وضع أسس التطور في لبناتها الأولى وأهلها وأعدها لتكون "جيشاً منظماً" بوحداتها ومؤسساتها وهيئاتها المتخصصة، وقادرةً على خوض أشرس المعارك والحروب، والثبات بل والانتصار فيها.
ولعل الكثير من العمليات والمعارك التي نفذتها كتائب القسام –بعد استشهاد الشيخ صلاح شحادة- تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا الغراس الذي بدأه الشيخ صلاح ومجموعة من إخوانه، قد أصبح اليوم أسطورةً ومثلاً يضرب لمقدرة المقاومة الفلسطينية على التطور ومواجهة التحديات والوقوف في وجه أعتى قوى الظلم والإرهاب في العالم.
لقد خاضت كتائب القسام العديد من المواجهات القوية مع العدو الصهيوني والتي كان آخرها "العصف المأكول" والتي نعيش ذكراها هذه الأيام، حيث لم يستطع العدو بإمكاناته الهائلة الضخمة أن يحقق أياً من أهدافه المعلنة أو السرية، واستطاعت فيها كتائب القسام أن تضرب وسط كيانه الغاصب وتقصف أهدافاً لم تُهدد منذ عقود من الزمن، ووضعت ما يزيد عن "مليون ونصف صهيوني" في دائرة القصف وتحت خطر الموت والاستهداف، وأجبرتهم على الاختباء في الملاجئ كالفئران.
كما استطاع القسام تنفيذ عمليات خلف خطوط العدو فقتلت وأصابت العشرات وصنع هذه العمليات صورة النصر، بينما وقع جنود العدو في الأسر، فباتت غزة مقبرة للغزاة.
ومن قبل هذه الحرب كانت "حجارة السجيل والفرقان"، وقبلهما الضربة المعقدة عملية "الوهم المتبدد" التي استطاعت خلالها كتائب القسام اقتحام موقع عسكري صهيوني محصن وأسر الجندي "جلعاد شاليط" من قلب دباباته واستطاعت أن تحتفظ به لسنوات، وأن تربك وتحبط كل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الصهيونية المشهود لها عالمياً بتفوقها وتميزها والمعروفة بفشلها وإخفاقها في مواجهة كتائب القسام.
أسس كتائب القسام
أسس الشيخ "صلاح شحادة" حين أسس كتائب القسام لتكون "معجزة وأسطورة" في تاريخ الجهاد والمقاومة، فلقد استطاعت كتائب القسام تصنيع أسلحتها التي أثبتت قوتها ونجاعتها في المعارك مع العدو الصيوني، فهي التي قهرت المستحيل وصنعت الصواريخ التي تضرب عمق الكيان الصهيوني والتي لم يستطع العدو -ومن خلفه كل دول العالم- أن تجد حلا لها ولا طريقة لصدها وإيقافها.
وما جاء هذا الإنجاز والإعجاز إلا بالثقة التي بثها الشيخ صلاح في نفوس جنوده الذين هيأهم للتعامل مع كل الظروف ومواجهة كل التحديات والإبداع في جميع المجالات.
يشهد على هذا ما قاله الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي حين قال: "لقد استطاع الشيخ صلاح أن يحقق من الإنجازات ما عجز الكثير عن فعله في سنوات عديدة؛ نجح في تطوير الجهاز العسكري لحركة حماس كمًّا وكيفًا، مدّ الجهاز بأعداد كبيرة من الشبان، وقام بتدريبهم وتجهيزهم، وتطوير الصناعة العسكرية المتواضعة خلال عامين.. بدأ بالهاون ثم الصواريخ مثل القاذفات ومضادات الدبابات، كما يعود للشيخ صلاح فضل الإبداع في التخطيط لاقتحام المغتصبات، والانطلاق بالجهاز العسكري من قيود السرية التي تكبل الحركة".
ولقد استطاع الشيخ الجنرال أن يكسب الاحترام والتقدير من أعدائه، حيث قال عنه "يكوف بيري" الرئيس الأسبق لجهاز الشاباك الصهيونيّ: "هذا الرجل هو اليد اليمنى للشيخ أحمد ياسين، رجلٌ يثير انطباع من يلتقيه ويجبرك على احترامه حتى لو كنت تحتفظ تجاهه بكلِّ مشاعر الكراهية، إن شحادة رجل لا يعرف الانكسار".
ولقد قال الإرهابي الهالك "شارون" يوم أن أشرف بنفسه على تنفيذ عملية اغتيال الشيخ الجنرال "صلاح شحادة": "ضربنا أكبر ناشطٍ في حماس، الشخص الذي أعاد تنظيم حركة حماس في الضفة من جديد، إضافةً إلى النشاطات التي نفّذها في قطاع غزة، هذه العملية هي واحدة من أكثر العمليات نجاحًا".
وبعد أعوام من استشهاد الشيخ أضحت كتائب القسام بارقة أمل لعهدٍ جديد يخلص الأمة من ذلها وخنوعها، ويعيد لها أمجادها الأولى، فطوبى للشيخ المجاهد الذي ما زالت بصمات جهاده مغروسة في ذاكرة التاريخ.
/انتهى/
تعليقك